(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
يُثار جدال سياسي وشعبي في الدنمارك بسبب الحديث عن سوء معاملة أطفال في أحد مراكز الترحيل، حتى أنه لم تتخذ أي خطوات في هذا الإطار حتى الآن أدّت القرارات المشدّدة التي أدخلتها حكومة يمين الوسط، بدعم من الحزب القومي المتشدّد، “الشعب الدنماركي”، منذ عام 2015، في ما يتعلق بالهجرة واللجوء، إلى تزايد أعداد قاطني مراكز الترحيل بعد رفض طلبات لجوئهم. بين هؤلاء أطفال تقول منظمات حقوقية ومعنية بشؤون الأطفال، مثل “إنقاذ الأطفال”، و”أوضاع الأطفال”، إنهم “يعيشون ظروفاً سيئة تستدعي التدخل العاجل”، كما هو الحال في مركز “شايلمارك” (شمال العاصمة الدنماركية كوبنهاغن)، المغلق والمثير للجدال هذه الأيام. ومنذ عام 2017، كشف في أكثر من مناسبة عن ظروف سيّئة يعانيها الأطفال. واضطرّ أمين الرقابة في البرلمان “الأمبوسمان” يورغن ستين سورنسن، لإجراء زيارات متكرّرة للتأكّد مما تسرّبه وسائل الإعلام، خصوصاً العائلات التي لديها أطفال صغار. ويشبّه حقوقيّون وسياسيون يساريون ومقيمون فيه مركز شايلمارك بـ”المعتقل”.
وأثار فيديو من داخل مركز الترحيل عن منع طفل في الخامسة من العمر من الحصول على بطاطس وخضار غضباً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الصحف الدنماركية. وبعد مشاهدة الفيديو، أسّس دنماركيون مجموعة “أصدقاء شايلمارك”، مطالبين السياسيين بالتدخل لتحسين أوضاع أطفال المركز أو إغلاقه. وما أثار غضب متابعي مجريات الحادثة “تهديد الموظفة باستدعاء الشرطة إذا لم يتوقف عن طلب الطعام. وبالفعل، بعد انسحاب الأب والطفل، حضر شرطيان وحارس من مصلحة السجون إلى المكان بتهمة أن والد الطفل ألقى الطعام على الأرض”، كما ينقل موقع “أصدقاء شايلمارك”. ويشبّه البعض المعسكر بأنه “معسكر اعتقال نازي”، الأمر الذي يرفضه أصدقاء المركز. ويطالب مشرعون من موظفي بلدية هورسهولم، التي يقع المعسكر في نطاقها، بضرورة “نقل الأطفال إلى خارجه، ريثما يتم البت بمصير العائلات”. في المقابل، قال مؤيّدو الإجراءات المشددة التي تنتهجها حكومة كوبنهاغن، إن “البطاطس والبروكلي ليست للأطفال تحت سن ثلاث سنوات”. الطرف الآخر، الذي أغضبه تصرّف العاملين في المطبخ، انتقدوا أيضاً حادثة أخرى حصلت مع امرأة كانت تحمل رضيعاً طلبت الحصول على الطعام نفسه لإطعامه للطفل الآخر البالغ من العمر 5 سنوات، والذي رفضته الموظفة الدنماركية، ما يشير إلى “تصرفات مقصودة للضغط على الأهل من خلال إساءة معاملة الصغار، “علهم يقبلون إجراءات الترحيل”، وفقاً لأصدقاء المركز. وتحوّلت أوضاع أطفال معسكر الترحيل الدنماركي إلى سجال بين مختلف الأحزاب الدنماركية والمنظمات الحقوقية ومراقب الدولة. وفي حين يطالب عمدة مدينة هورسهولم المحافظ، مورتن سلوتفيد، إغلاق المركز، بدا موقف يسار الوسط مستهجناً من قوى يسارية، تطالب مقرر شؤون الهجرة والدمج في “الاجتماعي الديمقراطي” ماتياس تيسفايا بضرورة “نقل إجباري للأطفال الذين يلقون معاملة وتربية سيئة”. ووجه سهامه على الأهل بدلاً من “النظر إلى عمق المأزق من كافة اتجاهاته”، بحسب العمدة المحافظ الذي انتقد دعوات إخراج الأطفال وتوزيعهم على أسر أخرى.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ويوم الإثنين الماضي، اعتبر “الأومبوسمان” أن “نزع أطفال الأسر المرفوضة طلبات لجوئها لا يستند إلا على أسس قانونية واهية”. وعلى الرغم من انتقاده بعض الأوضاع إثر زيارة مفاجئة للمركز، يوم الجمعة الماضي، أشار إلى أنه “لا يمكن تطبيق قانون الخدمة الاجتماعية (لفرض نزع الأطفال) بشكل مباشر على أطفال طالبي اللجوء المرفوضين”، مؤكداً أنه “ما من تعارض بين وضع المعسكر والتعهدات والمعايير الدولية التي يلتزم بها البلد”. في المقابل، كانت لدى اليسار الدنماركي انتقادات لاذعة ومطالبة بإغلاق المركز. وأعرب العضو القيادي في حزب الشعب الاشتراكي اليساري نيلز كرستيان باركهولت، عن رفضه لما وصفه بسياسة الهجرة الصارمة، خصوصاً أن هذا المركز لا يؤمن الرفاه والرعاية الجيدة للأطفال. أكثر من ذلك، يقترح بعض الساسة نزع الأطفال من الأهل، ما يستدعي “شجباً أخلاقياً”. كما عارض موقف أعضاء مجلس بلدية هورسهولم الأمر، علماً أنهم مؤيّدون للتشدد في قضايا اللجوء. واعتبر رئيس فرع الحزب في البلدية، ومقرر شؤون الأطفال والمدارس في مجلسها المنتخب، نيلز لوندسهوي، أنه “لا يجب إطلاقاً أن يوجد أي طفل في مركز ترحيل شايلمارك”. واللافت أن موقف يسار الوسط يتطابق تقريباً مع موقف اليمين المتطرف، ويرى الطرفان أنه “لا يجب إغلاق أو نقل الأسر من المركز، لأنّ ذلك سيعني المزيد من عدم تعاون الأهل في عملية الترحيل”. وقال مقرر شؤون الهجرة والدمج في حزب الشعب الدنماركي (يمين متطرف)، مارتن هنركسن، إن العائلات “تأخذ أطفالها كرهائن وتستغل وضعهم لمنع الترحيل. لا يجب أن نسمح بذلك، فأوضاع المعسكر حسنة ولا تستدعي التراجع عن سياسة الهجرة الصارمة في بلدنا”.
تجدر الإشارة إلى أن البلدية التي يقع فيها معسكر الترحيل المغلق تلقت خلال عام 2018 خمسين شكوى حول سوء أوضاع الأطفال ومعاملتهم”. على الرغم من ذلك، لم ينقل غير طفل واحد منه. ويطالب بعض المشرعين بإيجاد حل لأزمة أطفال معسكر الترحيل لنقل العائلات إلى سكن مؤقت، ووضع سوار إلكتروني لمراقبة الأهل. وأدت السياسات المتشددة للحكومة الدنماركية أخيراً إلى تبنّي سياسة عزل من تسميهم “مرفوضين وجنائيين” في جزيرة معزولة، خصوصاً هؤلاء الذين يرفضون التعاون مع السلطات للترحيل إلى بلدان المنشأ. ويدار المركز من مصلحة الإشراف على الجنائيين والسجون، ويضم أكثر من 400 شخص، ينتظرون لأشهر طويلة إجراءات ترحيلهم إلى دولهم الأصلية. وبين هؤلاء، يعيش عشرات الأطفال الذين يرفض أهلهم التعاون مع السلطات الدنماركية في مسألة الترحيل.
ناصر السهيلي
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});